مقياس الديمقراطية العربي 5
بيان صحفي
إطلاق التقرير الخامس ﻟ"مقياس الديمقراطية العربي، 2016"
صدر في 15 حزيران (يونيو) 2017 عن مبادرة الاصلاح العربي والمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بالشراكة مع عشرة مراكز بحث في العالم العربي التقرير الخامس لـ "مقياس الديمقراطية العربي" والثاني بعد أربع سنوات من الثورات والحراك السياسي. يظهر المقياس واقع عملية الانتقال الديمقراطي في البلدان العربية المشاركة، الأردن والبحرين وتونس والجزائر والسعودية وفلسطين والكويت ولبنان ومصر والمغرب. يتشكل المقياس من معدل علامات اثنين وأربعين مؤشراً رئيسياً تكوّن بمجملها إطاراً عاماً يمكن من خلاله تقييم عملية التحول الديمقراطي في هذه البلدان. يعتمد المقياس على مجموعة متنوعة من مصادر المعلومات كالوثائق الحكومية وتقارير المجتمع المدني واستطلاعات الرأي العام التي تجرى لهذه الغاية في البلدان المشاركة.
مقياس الديمقراطية الخامس يشهد تراجعاً
تشير علامة المقياس العربي التي تبلغ 571 من مجموع 1000 إلى قصور في عملية التحول الديمقراطي وقدرتها على إحداث تحول حقيقي في العالم العربي، فلا تزال هذه العملية جنينية، ولا زالت تراوح مكانها طوال السنوات الثماني الماضية التي جرى فيها قياس عملية التحول الديمقراطي. انخفضت علامة المقياس في القراءة الخامسة مقدار عشر نقاط مقارنة بالقراءة الرابعة لعام 2012 (571 مقابل 581). يعود السبب الرئيس وراء انخفاض علامة المقياس لمشاركة السعودية في التقرير الراهن بعد أن تم استثناؤها من التقرير السابق. ولو تم استثناء السعودية من الاحتساب فإن علامة المقياس الراهن سترتفع إلى 588، أي بزيادة قدرها سبع نقاط عن التقرير السابق.
فجوة كبيرة بين علامات الوسائل والممارسات
تظهر نتائج التقرير انخفاض علامة مقياس الوسائل فقط فيما ارتفعت علامة مقياس الممارسات. بل إن تحليل النتائج الرقمية، من حيث تعبيرها عن وسائل (كالتشريعات) أو ممارسات (كالانتخابات)، يشير إلى أن عملية التحول الديمقراطي تبدو إما مدفوعة من الخارج أو تهدف لإرضاء الشارع شكلياً، حيث تبلغ قيمة مقياس الوسائل (وهي الأكثر حساسية للضغوط الداخلية أو الخارجية) 788 نقطة فيما تبلغ قيمة مقياس الممارسات (وهي الأقل حساسية للضغوط الخارجية والجماهيرية) 504 نقطة فقط. إن استمرار وجود فجوة واسعة بين مؤشرات الوسائل والممارسات تطرح تساؤلاً عن مدى جدوى الدور الذي تلعبه الإصلاحات القانونية والدستورية في عملية التحول الديمقراطي، ويؤكد على فشل الربيع العربي في إحداث تغيير ذي جدوى في هذا المجال.
انخفاض في علامة الحقوق والحريات والمساواة والعدالة الاجتماعية وتحسن على سيادة القانون
انخفضت علامة ثلاثة قيم من قيم أو مقومات المقياس الأربعة وارتفعت علامة قيمة واحدة. جاء الانخفاض الأكبر (49 نقطة) في مجال احترام الحقوق والحريات، من 584 إلى 535، كما انخفضت علامة المساواة والعدالة الاجتماعية بـ32 نقطة، من 561 إلى 529، وانخفضت علامة وجود مؤسسات عامة قوية ومساءلة بـ16 نقطة، من 563 إلى 547. في المقابل، ارتفعت علامة سيادة القانون بـ 114 نقطة، من 626 إلى 737 نقطة، مقارنة بالتقرير السابق.
تبقى المغرب في المقدمة
تأتي المغرب (التي حصلت على علامة 735) في مقدمة الدول العشرة المشمولة في المقياس وهي المرة الرابعة التي تحصل فيها المغرب على هذه المرتبة منذ عام 2008 عندما بدأ العمل بالمقياس. يقول د. عبد الله ساعف مدير مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية في جامعة محمد الخامس "لقد أثّر انخراط المغرب في عملية الإصلاح، بعد صدور دستور 2011، بشكل واضح على الاستقرار السياسي والاجتماعي، وعلى تعميق الانتقال الديمقراطي؛ فقد تشكلت الحكومة من تحالف قاده حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الدينية الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات." شهدت تونس التقدم الأكبر
تأتي تونس في المرتبة الثانية بـ 690 نقطة، حيث شهدت التقدم الأكبر بـ80 نقطة في التقرير الحالي مقارنة بالعلامة التي حصلت عليها في التقرير الرابع (من 610 إلى 690). يقول الأستاذ صلاح الدين الجورشي رئيس الفريق التونسي "تجاوزت تونس الحالة الانتقالية التي مر بها النظام السياسي الجديد والتي دامت أربع سنوات. وتمثلت نقطة التحول في تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تمت مع نهاية سنة 2014. لكن لا يعني ذلك أن جميع المؤسسات الجديدة التي أقرها الدستور قد دخلت حيز التنفيذ حيث لا يزال بعضها لم يرى النور بعد وبعضها الآخر لا يزال متعثرا، وبالتالي يمكن القول بأن النظام السياسي الناشئ في تونس يوجد حاليا في حالة اختبار، وهو يتعرض لعديد الصعوبات والتحديات التي غالبا ما تتعرض لها الديمقراطيات الناشئة. وفي مقدمة هذه التحديات الأزمة الاقتصادية والحرب على الإرهاب واتساع رقعة الفساد. أي أن التحولات التي شهدتها تونس كانت تحولات سياسية ذات طابع سياسي ليبرالي." تأتي الأردن ثالثاً بـ 640 نقطة ثم الكويت رابعاً بـ 631 نقطة ثم الجزائر في المرتبة الخامسة بـ 589 نقطة.
شهدت مصر التراجع الأكبر
في المقابل تراجعت أوضاع خمس دول مشاركة في التقرير مقارنة بالعلامات التي حصلت عليها في التقرير السابق وأهمها مصر التي حصلت على علامة بلغت 503. شهدت مصر التراجع الأكبر بـ81 نقطة في التقرير الخامس مقارنة بالعلامة التي حصلت عليها في التقرير السابق. يقول د. مصطفى كامل السيد مدير مؤسسة شركاء التنمية في مصر "تعود أسباب التغير في وضع مصر الى التحولات التي شهدتها البلاد خلال العامين الفائتين، بعضها إيجابي مثل إقرار دستور جديد في يناير 2014، وإن كان قد حصن مؤسسات الدولة الثلاث من قوات مسلحة وشرطة وقضاء التي أصبح لها سلطة النظر في أي مقترحات تشريعية تخصها قبل إقرارها من مجلس النواب، كما جرت الانتخابات البرلمانية. لكن من ناحية أخرى استمر الصدام بين الحكومة وأنصار تيارات الإسلام السياسي، وتوسع ليشمل القوى المدنية بتياراتها المختلفة؛ اتخذ صورة احتجاجات سلمية احيانا، ولكن غطت على هذه الاحتجاجات أعمال إرهابية في العاصمة وشبه جزيرة سيناء، مما أعقبه انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان مثل الحبس الاحتياطي الذي يمتد فترات طويلة والاختفاء القسري والتعذيب والتضييق على حريات التجمع والتعبير والتنظيم، وتوسعت هذه الانتهاكات لتأخذ شكل المواجهة الشاملة بين الحكومة والمجتمع المدني." وكذلك تراجعت علامة كل من لبنان (532) والجزائر (589) والبحرين (436) والأردن (640).
حصلت السعودية على علامة (419). حيث تضعها هذه العلامة في المرتبة العاشرة والأخيرة بين الدول العشر المشاركة في التقرير الخامس وتشير هذه العلامة إلى تحسن بمقدار 13 نقطة مقارن بمعدل القراءات للفترة السابقة لعام 2012. يقول رئيس الفريق السعودي "أثّرت الأحداث السياسية للعام 2015 بشكل واضح على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد؛ فقد تولى الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم، وعَيّنَ "النائبين" من الاحفاد للمرة الأولى في تاريخ المملكة، وتم اعلان الحرب على جماعة الحوثيين في اليمن. كما ساهم التدهور المتواصل لأسعار النفط طوال العام بالتزامن من السياسات التي أرهقت الخزينة تفاقم الأزمة الاقتصادية، الأمر الذي دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات اقتصادية إصلاحية لتنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على إيرادات النفط. في المقابل لم ترافق السياسات الجديدة أية برامج اصلاح على الأصعدة السياسية والاجتماعية."
توصيات الفرق العربية
تتفق الفرق العربية بأن هناك حاجة ملحة لتعزيز الوظائف الرقابية في النظام السياسي العربي، وضرورة إحداث تغير جوهري على سلم أولويات الإنفاق الحكومي وتعزيز دور المرأة في قوة العمل، وضرورة إصلاح شؤون التعليم بتخصيص موازنات أكبر ومحاربة الأمية وتقليص ظاهرة التسرب من المدارس، وضرورة تعزيز قدرات المساءلة البرلمانية واحترام استقلال القضاء وفرض الرقابة على أداء أجهزة الأمن وإعطاء المزيد من الحريات لوسائل الإعلام لكي تحدث تطورا في عملية التحول الديمقراطي في العالم العربي.
للاطلاع على التقرير الخامس لمقياس الديمقراطية العربي:
التقرير رقم (5) لعام 2017